قلتُ: إنني سابح فيكِ. فانفجرتْ منها ضحكة ساخرة، وردّت عليّ مقالتي جملة وتفصيلًا فلم تعرف منها شيء. وقد كان بيننا كلام فاستفزتهّا بتنظيم كلماتي.. وأخذتُ أسردُ الآتي:
أولًا تملّصكِ من كون جبران شارك مشاركة مباشرة وفعلية في بلورة وإظهار وصياغة وإكمال كثيرًا وكثيرًا من مشاعركِ التي لم تجدي احدا قبل جبران يصغها لكِ..جهد مكلّف لن ياتي بنتيجة لدي ولن يغيّر الحقيقة ..
ثانيًا كون الرافعي قد علا في قلبكِ مؤخرّا وأنا أقول مؤخرا ..فانا اعلم ذلك إلا -للأسف-انه لم يشاركِ في شيء من بناء عالمكِ لأنه مكتمل بالفعل قبل ظهوره ظهورا قويا ..وأقول ظهورا قويا لا اقول طهوره فقط..لانني اعلم انكِ تعرفين الرافعيّ منذ فترة.
ثالثًا اعتقادكِ المذكور بأن لي صديقات. اعتقاد باطل.
رابعًا عن الصفات التي في الرافعيّ والتي قلّما تجدينها في رجل ..أقول انتِ إنما لم يبدو لكِ من صفاته إلا ما تتعطش إليه نفسُ الانثى فيكِ وإلا ما انتِ محتاجة إليه جدًا..معنى ذلك انه لم يظهر لكِ كل صفاته ولا حتى اسباب وعلّات تلك الصفات لان لكل صفة سببب وعلة من تواريخ الانسان والانسانية جمعاء...
أنتِ لا ترين في الرجال الحقائق ..لماذا؟...لانكِ لا ترين إلا ما تحتاجه نفسكِ وترنو وتصبو صبوا شديدا إليه ...وفي حين انكِ لا ترين إلا ما ذكرت فتلك ليستِ الحقيقة كاملة ..دون ذلك حقائق وحقائق...
خامسًا وهو عبارة عن سؤال ...هل قرأتِ قبلًا لشاعرة ؟..كم كتاب عندكِ الّفته امرأة؟...تعرفين مَن مِن الكاتبات او الشاعرات النابغات؟
ولا اعني التعجيز بأسألتي وساتولى عنكِ الجواب لانكِ لن تجيبي ....قليل ما قرات لشاعرة او كاتبة امرأة مثلكِ...او سؤال اخر مَن مِن النساء شارك في بناء عالمكِ؟؟ ولا تتحذلقين صارخة كالاطفال "انا التي بنيت عالمي بنفسي لم يشاركني احدٌ"هذا باطل وانتِ تعلمي ذلك ...
طبيعي جدًا ان تميلي للرجل ليكمّل لكِ عالمكِ وهذا الميل فطري محض..لكن الميل العقلي ان تميلي لزميلاتكِ تقتبسين منهن الخبرة العملية الفطرية في الحياة والعلم ...لا اقصد مفردات المسائل فقد تكون احدى زميلاتكِ على ضلالة كهدى شعراوي مثلًا وسهير القلماوي وغيرهن...إنما تنظري للصالحات في المسائل الفردية..وهذا امر علمي محض لن تستوعبيه بهذه الكلمة المقتضبة أبدًا مهما اوهمتِ حالكِ انكِ قد فهمتِ...اما عن الخلل الناتج عن الميل الفطري دون العقلي فهذا له محل اخر للكلام ليس هنا.
وأنا اقصد أنه لم يشارك من النساء إلا القليل ...وهم الأولى ان يكنّ كُثر ..ليكون عالمكِ منسجما مع فطرتكِ.
فعُظْم من تقرءين لهم رجال وهذا أثّر بأشكال عدة لربما بينتها لكِ لاحقا
ولم يساهم بنو جنسكِ إلا نازك الملائكة ..او لعلها لم يكن لها مكان ..بين فطاحلكِ الكبار جبران وغيره!!
لكني انا بيّنت ما قد يكون من خلل في عالمكِ من ان معظم من شاركوا بناءَه رجالٌ ..فأين من وافقوكِ الفطرة والعقل والفكر والروح من بني جنسكِ؟ ..هذا سؤالي.
نعم وهذا عين المسالة أن هذا يتأتى لكِ من دون قصد منكِ ..لأنكِ تسيرين حسب حاجاتكِ الانثوية في التعرض للرجال من الكتاب ...وليس كذلك للنساء فالأمر يحتاج لعقل حكيم كي يميل لبني جنسه يتأدب منهن فيما ذكرناه آنفًا.
والعكس لديّ ...أنا اقرأ لبني جنسي أكثر من غيرهم فأقرأ للرجال اكثر من النساء ...وليس ذلك بقصد التقليل منهن ..بل لأنهن في مجال الادب والرواية والشعر قليل ..وزيادة على ذلك لابد لي من الانتقاء من بينهن التي تناسب المعالى من شاني.
فمن عائشة عبد الرحمن ..إلى لينة عبد القدوس صالح فشارلوت برونتي ثم الشاعرات ليلى الاخيلية والخنساء ودخنتوس ومؤخرا جيهان السادات.
وأقول راجيا ان تردين على رسالتي بالترتيب المذكور وبتؤدة وانبساط..لا عجلة واخلاط ...سأنتظر....
وبعدُ. فقد فاجئتني بصراحتها مصحّحة آرائي فيها إلا أنها أبتْ أن تكون كاملة فلم تصدقني في الثالثة وامتارتْ في الرابعة. سألتها:
هل كنتُ محقا حينما قلت "إنني سابح فيكِ" ؟
ردتْ قائلة: لاء.-وهي مولعة بزيادة الهمزة تبكيتًا وإدلالا-.